وجع لابعده وجع
حين يدخل البديل إلى قلب المرأة، لا يرحل الرجل فورًا، بل يرحل حضوره أولًا؛ فتبدأ المسافات الصامتة، ويولد التجاهل من شعورٍ خفيٍّ بأن الفقد لم يعد مخيفًا، لأن القلب لم يعد وحيد الاختيار. ꧁꧂ حين تدخل المرأة علاقةً وهي تحمل في داخلها بديلاً جاهزًا، فإن الرجل يصبح حاضرًا بالجسد، غائبًا بالقيمة. لا تُنصت لكلماته بصدق، ولا تتوقف طويلًا عند ألمه أو عتابه، لأن قلبها لم يعد متفرغًا له كامل التفرغ، بل موزّعًا بينه وبين صورة أخرى تنتظرها في الخفاء. وجود البديل يمنحها شعورًا زائفًا بالقوة، ويجعل التجاهل عندها سلوكًا سهلًا لا يكلّفها خوف الفقد ولا وجع الرحيل. فالمرأة حين تطمئن إلى أن هناك من يعوّض، لا تخشى خسارة من بين يديها، فتتراجع حرصها، ويبرد اهتمامها، وتتحول التفاصيل التي كانت تعني لها الكثير إلى أشياء عابرة لا تستحق الوقوف عندها. لا تعود تسأل، ولا تبرر، ولا تحاول الإصلاح، لأن البديل يمنحها وهم الأمان، ويجعل الرجل الحالي مجرد مرحلة مؤقتة لا أكثر. وهنا يصبح التجاهل لغة غير معلنة، ورسالة صامتة تقول: “لستَ الخيار الوحيد”. فتتأخر في الرد، وتختصر الحديث، وتقلّ مشاعرها، وكأنها تُدرّب نفسها على الفراق ...